الدين تحت مجهر العلم

الدين تحت مجهر العلم

Translate

الجمعة، 13 نوفمبر 2015

دين أريدو
دين أريدو:-

تقع مدينة أريدو في أقصى جنوب العراق على نحو 40كم الى الغرب من مدينة الناصرية وتعرف اطلالها اليوم باسم
( ابو شهرين ) وقد بدات ثقافتها في النصف الثاني من الالف الخامس قبل الميلاد وتنتمي الى فترة الكالكوليت ( العصر الحجري المعدني ) وهو العصر الذي اكتشفت الانسان فيه المعادن وارتبط بنشوء المدن وظهور المعابد وقد استمر هذا العصر 2000 سنة واكثر حضاراته ظهرت في بلاد الرافدين وتتابع ثقافات الكالكوليت بالشكل التالي:-

1- ثقافة حلف :- 4900-4300 ق.م
2-ثقافة أريدو:- 4300-400 ق .م وهي موضوع مقالنا هذا
3-ثقافة العبيد:- 400-3500 ق.م
4- الوركاء الاولى :- 3500-3100 ق.م

اهم ميزات ثقافة اريدو :- هي ان هذه الثقافة تشير الى اقدم استيطان سكاني جنوب العراق وانها المكان الاول في التاريخ الذي ظهر فيه المعبد بأقسامه الصحيحة والكاملة وأنها المدينة الاولى على الارض بالمعنى الدقيق لكلمة المدينة !! حيث تمركز المعبد وسطها وظهرت البيوت حول المعبد ومارس سكانها الحرف والتجارة ، واما اراضيها الزراعية فكانت خارج البيوت وتطورت صناعة الفخار والمعادن فيها .

تعتبر ثقافة أريدو تمهيدا لنقلة نوعية في الثقافة ستمثلها بشكل اوسع ثقافة العبيد التي اظهرت انتشارا كبيرا في العراق والمناطق المحيطة به

معابد اريدو:-

عثر في اعمق طبقات اريدو على بقايا معبد يرجع الى 5000 ق.م ونجد في هذا المعبد عناصر من العمارة الدينية ظلت قائمة عبر الاف السنيين!!
(قاعدة مستطيلة بها كتفان على الجانبين يوحيان بتقسيمها الى منطقتين متمايزتين وقاعدة مشيدة من اللبن في نهاية القاعة الداخلية بحيث توحي بازدياد القدسية كلما اتجهنا للداخل - مكان الاله- وهي قدس الاقداس لاهل اريدو)
والملاحظ ان هذا التقسيم الثلاثي اتبع فيما بعد في الكنيسة المسيحية واحتذي به في هيكل سليمان مدخلاً وهيكلاً وقدس الاقداس !!

تواتر ظهور المعابد في أريدو وظهر الشكل المركب للمعبد حيث ان معبد الاله لم يعد غرفة بسيطة الشكل وانما كيانا معقدا تحتوي خلوته المركزية على منصة مذبح ومائدة للهدايا وتقع على جوانبه غرف صغيرة وعدة مداخل لدخول المتعبدين وخروجهم ثم ظهرت المعابد ذات المباني التذكارية التي يرتقى اليها بمنحدرات ترابيه ثم المعابد ذات الابراج المدرجة والتي ظهرت بوضوح في ثقافة لاحقة ( الوركاء).

تطورت عقائد اهل اريدو
ونظرتهم للموت فاصبحت المقبرة مخصصة خارج دور السكن ومشيدة باللبن، ويرجح البعض ان فكرة الخلود ظهرت بهذا العصر وضمنه مدينة اريدو .
يرى بعض الباحثين ان معبد اريدو وشكله لم يكن لاغراض جمع المتعبدين كما كانت في الثقافات شمال وادي الرافدين بل كان شكله يدل على انه مكان للاله ووضع مكان مركزي ومحدد للاله على الارض كان اول عمليات انسلاخه عن الطبيعة .

انكسر الثالوث القديم ( الام والابن والاب ) والذي عرفناه في عصور حجرية سابقة ( عصر النيوليت الزراعي ) والذي اخذته المسيحية فيما بعد وظهر ثالوث ذكري بفعل سيطرة الذكر على تلك الفترة فكان اله الهواء في الشمال واله الماء في اريدو واله السماء في الوركاء وتوحدوا بعد ذلك في ثالوث الهي ( نانا اله القمر وأوتو اله الشمس وأنانا اله الزهرة )

وقد اثر هذا بشكل واضح على المعتقدات السومرية والبابلية فيما بعد.

ان طقوس واعياد اريدو غلبت عليها الثقافة الذكورية بسبب ان الرجل كان عنصر عصر المعدن هذا وتنحى دور المرأة فكان الحضور الكبير للكاهن والملك وسيد النار ( لاهمية النار في الاستفادة من المعدن ).
فكان عيد راس السنة (سمي فيما بعد زامواء ) وكانت الاعياد تشبه عيد الاكيتو والعيد الكبير عند السومريين وكانت تقام طقوس خاصة يحضرها كل اهل اريدو ويقتصر اقامة مراسم الاحتفال على الكهنة وتقام طقوس لارضاء الالهة من اجل تطويع المعادن ولذا كان دور النار واضحا في تلك الطقوس.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق