الدين تحت مجهر العلم

الدين تحت مجهر العلم

Translate

الأحد، 8 نوفمبر 2015

هل الله موجود؟ الجزء الاول 

 كباحث صادق عن الحقيقة و كتلميذ مؤمن بالعلم و كإنساني مؤمن بروعة الأنسان و تفرده, أقولها صراحةٍ, إنهُ لمن العار علينا أن نرفض مُقدماً جميع الافكار و المعتقدات التي لا تناسب منهجنا الفكري الذي أخترناه او كبرنا عليه بسبب أحكامنا المسبقة عن الناس و المعتقدات و بعض النظم الفكرية, و حتى دون ان نسمع او نتأمل في مدى مصداقية او حقيقة الرسالة التي تحملها هذه الافكار. بشكل خاص أذا ما كانت هذه المُعتقدات ضاربة في القدم و لها من الاتباع و الانصار مئات الالوف او ربما الملايين. هذه ليست علمية حقيقية و لا موقف نبيل تجاه الملايين من المؤمنين بل و ربما المدركين لحقيقة المبدأ و لكن ربما لا يعرفون التعبير عنه بسبب جهلهم بطرق التعبير او عدم قدرتهم العلمية لتوضيح مصداقية الفكرة القابعة وراء أيمانهم بها.

على سبيل المثال فأنه من المجحف الحكم على زهرة القرنفل بأنها عديمة الفعالية أو أن مفعولها وهمي فقط لان جدتي المُسنة لا تستطيع أن تشرح لي سر الشفاء في هذه الزهرة لانها ببساطة لا تعرف بأن هذه الزهرة تحتوي على نسبة من مادة طبيعية مهدئة للآلام. أن أكتشافي لمفعول زهرة القرنفل الحقيقي بعد الدراسة و التجربة أعطاني هذا التواضع العلمي الذي يجب ان يحظى به كل باحث صادق عن الحقيقة و مؤمن بالعلم و أهمية المنهج العلمي للوصول الى الحقيقة. و هذا ما يدفعني اليوم كي أقولها بصراحة, أنه لمن العار علينا, بل و لمن الغباء رفض بعض الافكار و المعتقدات الدينة قبل تفحصها او التأكد منها, كيف يحق لأنسان ما أن يرفض كل ما جائت به الاديان الشرقية مثلا دون أن يطلع عليها؟ كيف يستطيع الانسان رفض تعاليم الاسلام او المسيحية او اليهودية دون التأكد من صلاحيتها و رسالتها الحقيقة؟ يجب ان نخرج من دائرة الاحكام المُسبقة أذا أردنا أن نصل لأجوبة حقيقة تصلح للبناء عليها و أقامة مجتمعات سليمة خالية من الامراض الفكرية و فايروساتها.

هناك فرق كبير و واضح بين الحقيقة الواقعة التي توجد بعيداً عن من يعتقد بها او لا و بين ما نتمنى أن يكون حقيقياً فقط لاننا نرتاح لهُ. هناك جملة شائعة بين معشر (المتفلسفين) و (أنصاف المتعلمين) بأن كل شئ نسبي, و أن الشئ الذي قد يكون صحيحاً بالنسبة لك قد يكون خاطئاً بالنسبة لي. هذا كلام فارغ يسقط تحت ثقله المتهافت, لأنه هناك حقائق حقيقة لا تتغير مهما أعتقدت او أردت ان تعتقد أنها ليست كذلك. المشي تحت المطر سيبللك مهما أعتقدت انها لا تمطر, الوقوف امام القطار سيقتلك مهما أعتقدت ان القطارات لطيفة, و شرب حامض الهيدروليك سيجعل من أحشائك صلصة مهما أعتقدت ان هذا الحامض مفيد و صحي. أنها حقائق لا تحتمل النسبية, إنها حقائق لا تستطيع فيها أن تعتقد او لاتعتقد, لا تحتمل الاراء الشخصية او وجهات النظر. الحقيقة لا يمكن أن تخضع للآراء وهي مجردة عن الاهواء. كذلك وجود الله من عدمهِ, وهو موضوعنا لهذه السلسلة, لا يحتمل النسبية, فهو أما موجود أو لا. لا يمكن أن يكون الاثنين معاً في نفس الوقت. لا يمكن أن يكون موجوداً بالنسبة للمؤمن و لكنه غير موجود بالنسبة للملحد, بالرغم من قناعة كل منهما برأيه لكن الحقيقة المجردة لا علاقة لها بالاراء او الاهواء. فهلا تخطينا لغة الاهواء و دخلنا في بحث عقلاني حول هذه النطقة بالذات؟

ما سنحاول معرفته هذه المرة بجدية و مصداقية يشوبها التواضع العلمي هو فيما أذا كان الله موجوداً ام لا. السوآل الاول الذي يخطر على بال البعض منا فيما أذا كان السوآل من أساسهِ علمياً؟ و الاجابة ببساطة هو ان المنهج العلمي هو المنهج الوحيد الذي اثبت جدارته في التأكد من مصداقية الفرضيات او الافكار. لهذا فأن العلم رغم كل شيء هو وسيلتنا الوحيدة حتى هذه اللحظة للحصول على أجابات دقيقة و صريحة عن حالة الاشياء. من جهة ثانية فأن مسألة أثبات الوجود لا يمكن ان تتم الا من خلال طريقة علمية مدروسة يستطيع جميع الناس تجربتها للتأكد من صحة النتائج التي توصلنا اليها, منعاً لعبث العابثين و التلاعب بالنتائج من قبل جهات لها غرض في الوصول الى نتيجة معينة.

بالطبع هناك من يشعر بوجود الله, و هناك منا من يتحدث مع الله و منا من قد رأى الله ربما, لكن هذه كلها تجارب شخصية لا يمكن التأكد من مصداقيتها او حقيقتها او فيما اذا كانت قد تم أختلاقها للحصول على مصالح ما مثل المركز الاجتماعي, الاطراء من الاصدقاء او الاقارب, او محاولة للترويج لمشروع سياسي. يجب علينا الان, و سوية, الوصول الى نتيجة واضحة و مفيدة يستطيع كل فرد في العالم التأكد منها بنفسه, تماماً كما أن ادوية المضادات الحيوية تنجح في القضاء على البكتريا سوآء كان المصاب مؤمن بقدرة هذه الادوية ام لا, كذلك يجب علينا تطوير طريقة يستطيع فيها المؤمن و غير المؤمن بالله تجربتها للتأكد من حقيقة أعتقاده او أيمانه بوجود الله من عدمه.

بالطبع فأن بحثنا هذا سيكون عديم الجدوي و الفائدة لمن يتصور بانه يمتلك مسبقاً الجواب و الحقيقة المطلقة و لا شئ اقل منها. فهذا التعصب ما هو الا مرآة للعجز الفكري و هروب الى أجوبة جاهزة ثابتة لا تقبل التغيير و التبديل في حال ظهور دلائل تنقضها. هناك من الملحدين من يعتقد بعدم وجود الله مهما قدمنا له من الدلائل, و هناك من المؤمنين من يعتقد بوجود الله مهما قدمنا له من الدلائل. هذا التصلب الفكري لا مجال له في بحثنا هذا, فنحن نبحث عن الحقيقة مهما تطلب هذا من تغيير لكل الاسس و القواعد الفكرية التي ننتهجها او نشأنا عليها. فأنما حقيقة واحدة مرة خير من الف وهم مريح. 



ألتقيكم في الجزء الثاني.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق