الدين تحت مجهر العلم

الدين تحت مجهر العلم

Translate

الاثنين، 16 نوفمبر 2015

تزييف التاريخ و المسكوت عنه في فتح الاندلس 

 

 

لا زال العرب المسلمون يحلمون بالعودة إلى بلاد الافرنجة , اسبانيا و البرتغال أي الأندلس و اعتبارها فردوسا مفقودا كان يجلب لهم الذهب و الفضة . في هذا المقال المتواضع سأحاول إماطة اللثام عن المسكوت عنه في فتح العرب المسلمون بلاد اسبانيا و الكذب و التدليس و التزييف في أحداث التاريخ و الفظائع و المجازر التي قاموا بها. لم تكن حملة طارق بن زياد كما تصورها لنا كتب التاريخ المدرسية بأنها تمت كحملة خاطفة و تم إحراز النصر من خلالها في دقائق بسبب إيمانهم بالإسلام . لقد استغرقت الحملة العسكرية الأولى لطارق بن زياد مدة ثلاث سنوات بين أعوام 711 و 714 ميلادية حيث قام طارق بن زياد و موسى بن نصير باحتلال الجزء الأول من اسبانيا و أدى بعد سنوات طويلة إلى إسقاط حكم دولة القوط الغربية . لم يكن من الممكن احتلال بلاد الأسبان بدون مساعدة لوجستية و وجود قاعدة سكانية تؤسس لتثبيت الحكم العربي – الإسلامي , حيث ان احتلالها بدون هذه المساعدات و القاعدة السكانية يعتبر مستحيلا . هذه القاعدة السكانية وفرها لهم يهود اسبانيا الذين كانوا مضطهدين من الحكم الاسباني و من الكنيسة المسيحية . و بالتالي تمت تفاهمات بين الطرفين حيث مثل اليهود القاعدة السكانية للاحتلال و الطابور الخامس له . كان اليهود يقومون بالأعمال المالية و الحسابية في دواوين الحكومة الاسبانية القوطية و كانوا مكروهين . فاضطروا أحيانا لقلب نظام الحكم بالثورات و أحيانا عن طريق المؤامرات , ( ابن القوطية – تاريخ افتتاح الأندلس ص 120 ) كما كان هناك نزاعات بين أمراء الأسبان حول الحكم فاتصل قسم منهم بالعرب المسلمين و تم الاتفاق على الغزوة بعد اخذ موافقة الخليفة . كما يذكر المؤرخ ابن قوطية ان طارق بن زياد أحب إحدى أميرات اسبانيا و هي سهلت له دخول أراضي اسبانيا . نحن نعرف الخطبة العصماء التي ألقاها طارق بن زياد حال نزوله إلى الساحل الاسباني : العدو من أمامكم و البحر من ورائكم فأين المهرب ؟ بعد ان قام بإحراق أسطوله البحري . ان قضية حرق السفن هي أكذوبة من أكاذيب التراث و التاريخ العربي الإسلامي . يكتب الباحث العراقي الدكتور رشيد الخيون و هو متخصص في التراث العربي و الإسلامي في كتابه ( طروس من تراث الإسلام ) , مؤسسة الانتشار العربي , ط 1 , 2007 , بيروت – لبنان , من مقال بعنوان : ( ابن العلقمي تأييد أكذوبة الخيانة ) ص 167 : ( و هل نصدق حرق طارق بن زياد سفنه على ساحل العدو , مع إنها كل عدته العسكرية بعد إلقاء خطبة فصيحة و هو المولى الامازيغي ؟ ) . يكتب الدكتور عبد الحميد عويس في مقال له بعنوان ( طارق بن زياد فاتح الأندلس ) : ( لم يرد ذكر و لا أدنى إشارة حول قصة إحراق السفن لدى ابن القوطية الذي يعتبر مصدرا من المصادر الأساسية في فتح الأندلس ) . و يؤكد الدكتور عبد الحميد عويس ان طارق بن زياد مغربي من قبيلة نفزة البربرية أي انه من شعب الامازيغ و هو ما يؤكده المؤرخ ابن قوطية و هو الرأي المعول في رأي المؤرخين و أولهم ابن قوطية . لقد قام طارق بن زياد حال نزوله البر الاسباني بأسر أعداد كبيرة من الأسبان و من النخبة مثل شيوخ القبائل و الرهبان و الأساقفة , و قام بقتل و ذبح مائتين منهم و تقطيعهم و غليهم في قدور مملؤة بالماء المغلي و جعل بقية الأسرى يتفرجون عليهم ثم أطلق سراحهم . هذا هو أول عمل إجرامي قام به الفاتح طارق بن زياد . هذه التفاصيل قرأتها في كتاب صغير للمؤرخ الأندلسي ابن قوطية أو ابن القوطية بحدود ( 50 ) صفحة لا يحضرني اسمه . و ربما كان جزءا من كتابه الكبير ( تاريخ افتتاح الأندلس ) .
من هو ابن قوطية أو ابن القوطية الأندلسي ؟
هو أبو بكر عمر بن عبد العزيز . إمام في اللغة و الأدب حافظا لهما من اشبيلية , مولده في قرطبة . كان مطلعا على أخبار الأندلس . فكانت شهرته في كتابة التاريخ تفوق شهرته في فقه اللغة و رواية الأشعار . ان الحضارة العربية الإسلامية لم تبنى عن طريق بدو أجلاف يصفهم القران بالكفر و النفاق و هم الأعراب لتمييزهم عن سكان المدن العرب . و يكتب ابن خلدون في مقدمته ان الأعراب يعملون الخراب في أية مدينة يدخلونها . ان العراق و بلاد الشام و مصر لم تكن خالية من السكان فالعراق عند الفتح العربي الإسلامي كان تعداد سكانه سبعة ملايين و اغلبهم من السريان المسيحيين . هم الذين بنوا الحضارة و قاموا بنقل كتب العلوم و الفلسفة و غيرها من الفارسية و اليونانية إلى العربية .في الختام عادة يقوم القوي بكتابة التاريخ . لقد قام العرب المسلمون بكتابة تاريخهم بتزوير الأحداث و الحقائق و الأحداث التاريخية و قاموا بتضخيمها و إضافة الخرافات و الأساطير عليها ثم قاموا بتصديق هذا الكذب و ان الأوان للشعوب المغلوبة على أمرها بكتبة تاريخها الحقيقي .
المصادر :
1- ويكيبيديا الموسوعة الحرة .
2- ( طارق بن زياد فاتح الأندلس ) بقلم د . عبد الحميد عويس .
3- طروس من تراث الإسلام , تأليف الباحث الدكتور رشيد الخيون , مؤسسة الانتشار العربي – ط 1 – 2007 – بيروت – لبنان , مقال بعنوان ( ابن العلقمي تأييد أكذوبة الخيانة , ص 167
4- مؤلفات المؤرخ العربي الإسلامي الأندلسي ابن قوطية عن فتح الأندلس .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق