الدين تحت مجهر العلم

الدين تحت مجهر العلم

Translate

الأحد، 8 نوفمبر 2015

مفاهيم مغلوطة عن الحياة والإنسان والوجود

 




هذه التأملات تأتى كمحاولة لتصحيح مفاهيمنا المغلوطة عن الحياة والإنسان والوجود , فلن نستطيع إختراق جدران العجز والتيه إلا بعد تصحيح مفاهيمنا وتحررها من الأوهام والمفاهيم المقولبة التى تضع العربة أمام الحصان دوماً .. دعونا نقدم بعض التأملات والرؤى الجدير أن نتوقف أمامها وليعترينا التأمل والدهشة , فمن التأمل نبنى مفاهيم ومعرفة وندرك ماهية الحياة .

* لا يوجد شئ اسمه حقيقة كوجود ذات كينونة مستقلة بل هى رؤية وفهم نتبناه ونراه صحيح ودونه خطأ وفاسد , الحقيقة هى فهم وزاوية رؤية وتقديرنا للأشياء تستمد قوتها من إجماع البشر عليها ولكن ليس معنى إجماع البشر على فكرة أن تكون صحيحة , فالبشر تصوروا فى وقت ما أن الارض مسطحة والشمس تدور حولها فى قبة السماء وإعتقدوا ان الشمس تشرق وتغرب , كذلك يعتبر أصحاب المعتقدات أن الحقيقة فى شيوع معتقدهم وإيمان مئات الملايين بها .
أكبر مغالطة أنتجها الإنسان وتماهى فيها هى إعتباره أن الحقيقة فكرة مستقلة عن ذاته وأنها ذات كينونة مستقلة منفردة بجلاء ليكون سعيه الوصول إليها .. بينما الحقيقة هى وعينا وفهمنا وتقديرنا للأمور ليبلغ بنا الحماس والغرور مداه فنتصور الحقيقة المطلقة رغبة فى تمجيد وتعظيم والإحتفاء بوجودنا .

* من الهراء القول بالحقيقة المطلقة فيستحيل أن تتواجد فى عالم نسبى متغير , لن توجد حقيقة مطلقة والنسبى هو من يُقيمها .. إنه الوهم الإنسانى وغروره وغطرسته فكيف يدرك ويستوعب المحدود اللامحدود , وكيف يعيه ويعاينه , وكيف يقيمه , فالأمور لا تخرج عن وهم تم تجسيده ورسم ملامحه مع إستخدام مبالغة اللغة كاللامحدود واللانهائى .. إنها محاولة تحدى وجود غامض وخلق وجود من لا وجود ليعزى ويُمرر ويُبرر جهلنا بالوجود , وكمحاولة لا واعية لخلق وجود مُعتنى فى وجود غير معتنى .. إنها رغبة مزيفة أن نكون مركز الوجود وأسياد الحياة .

* البحث فى فكرة الحقيقة هى متعة الحياة بعد الإشباع الجسدى فهى التى تجعل لحياتنا معنى بالتنقيب فى المجهول للوصول لفكرة نتصورها حقيقة كحال متعة التعاطى مع الألغاز والغموض .. لقد صارت فكرة الحقيقة بمثابة غاية نتبناها لننفصل عن عالم الحيوان إنفصالاً كلياً فنحن لم نعد نكتفى بصراع غايات بيولوجية لننطلق ننبش فى لغز الحياة وصراعنا مع الماضى والمستقبل .

* من المفاهيم السائدة المغلوطة مقولة الخير والشر لتصل لحد أن نعتبرها منظومة منفصلة عنا مفروضة علينا من جهة خارجية , بينما الخير والشر إنتاج إنسانى خالص يعبر عن مفاهيمنا ورؤيتنا لعلاقتنا الإنسانية المنشودة فى الزمان والدليل أنها نسبية بل إزدواجية المعايير تناسب وعى الإنسان ورغباته ومصالحه فى إقامة النظام فما نعتبره شراً يمكن أن يكون خيرا مثل القتل والسرقة والإغتصاب فهى مباحة وخيرة عند التعامل مع الأعداء بالرغم أنها نفس الفعل المادى المعنوى .

* من المفاهيم المغلوطة أن الإنسان تعامل مع قيم معنوية من إنتاجه كأنها حقيقة ذات وجود , فمفاهيم كالحق والخير والجمال هى مفاهيم معنوية وتقييمات بشرية لتتحول إلى أصنام وموجودات تجد طريقها للإله فى النهاية , ولكن الحقيقة وواقع الحال غير ذلك تماما , فالحق والخير والجمال تقييمات وانطباعات وتقديرات بشرية تجد سبيلها فى معانى وليست ذات وجود مستقل , لذا من السخف تصور أن هناك وجود خارجى خارج الانسان يبث هذه المعانى , ومن التهافت الشديد تصور تجسيد لهذه المعانى فى موجودات كإله الخير والحق والجمال وشيطان الشر والقبح مثلا فنحن من نُقدر ونُقيم ونُصيغ المشاهد بإنطباعات , ولنتذكر أنها نسبية .

* الحقيقة التى نبحث عنها هى توصيف الوجود المادى ولن تخرج حقيقة الوجود إلا من خلال الوجود المادى ولكننا فى كثير من الأحيان نتيجة جهلنا وخوفنا وذاتيتنا نستعين بوسائل خيالية تمنحنا أجوبة ليست فى الوجود المادى بل أجوبة ترضى هلعنا ورغباتنا لنخلد لنوم مريح .

* العقل لا يخلق موضوعه بل الموضوع والوجود المادى هو الذى يخلق معطيات ومحددات الفكر ,أى أن الأفكار نتاج تأثرنا وإنطباعنا وإنفعالنا مع واقع موضوعى يعطى صوره ومحدداته لتدور آفاق الفكر وفق معطيات الوجود المادى.

* كان لدينا تصور بأن العين هى التى ترى فيسقط شعاع منها على الشئ فنرى , بينما الرؤية تأتى من إنعكاس الضوء الساقط على الشى ليجد إشعاعه المنعكس طريقه لعيوننا .. لا تكون هذه النظرة المغلوطة مقتصرة على تفسير خاطئ لمشهد فيزيائي بل هى منهجية فكر وفلسفة مغلوطة نتبناها , فنتصور أن الأفكار نتاج حقيقى ووحيد لعقولنا وإننا من نخلق الفكرة بينما هى نتاج واقع موضوعى جمع وتكثف على مرآة الدماغ ليسقط على عقولنا , فتكون وظيفة العقل الرائعة تنظيم وترتيب وربط ولصق هذه الصور بشكل خيالى او عقلانى لتصيغ الفكرة ومن هنا نشأت الأفكار والآلهة .

* إختلاف تعاملنا مع الأفكار هى كنظرتنا لكوب الماء , فالبعض ينظر لنصفه الفارغ والبعض الآخر ينظر لنصفه المملوء..ولكن المصيبة أن هناك من يتوهم بأن الكوب الفارغ الخالى من الماء مملوءاً , فهكذا يتوهم ومنها يبنى معتقداته .!

* ما يبدو لنا أنه سراب لا يعنى وجود السراب ككينونة وهذا يعنى أن الرؤية البصرية لا تعى وجود الأشياء فى ذاتها , فالرؤية الذاتية والخيال والتصور والوهم الإنسانى قادر على تجسيد الأشياء لتبلغ حداً بتصوير وجود مالا وجود له ولكن يبقى المتخيلون للسراب أفضل حالاً مِن مَن يتوهمون صور غير موجودة ينسبونها لوجود لا توجد أى إشارة على وجوده ليبلغ ببعض المتشنجين حداً إدعاء اليقين به .

* أجمل ما فى الإنسان أنه كائن يصنع الخيال الذى هو بمثابة مخدره الطبيعى , فالخيال يجعله يتجاوز الواقع بمنطقه الصادم الصارم ليعبر خوفه الجاهل , فلن يكلفه الأمر شئ سوى أن يجمع بعض الصور ويلصقها ويركبها كما يريد , ومنها يمكنه أن يركب مشاهد ويدير سيناريوهات كاملة .
الخيال بمثابة مخدر طبيعى ينتجه الإنسان ليعيش حلم أو يتجاوز خوف وألم , فكلما حل عليه الألم إستدعى صوره الخيالية .
الكثير منا يستدعى الصور الخيالية التى أنتجها الأجداد ليتعايش معها ولكن المصيبة أننا وقعنا فريسة هذه الصور الخيالية وإعتبرناها حقيقة وتشبثنا بها بل تعصبنا لها بالرغم أنها صور خيالية للقدماء .

* لنفهم الوجود والحياة يلزم أن نتعامل مع المشاهد الوجودية بدون أشياء ليست منها أى لا نحملها إنطباعاتنا ولكن من المستحيل أن نعيش مشهد حياتى بدون أن نصيغه فى إنطباع ونسقطه عليه فحن لسنا آلة كاميرا .. ولكن علينا أن نفطن بأن هذه إنطباعات وليس جزء أصيل من المشهد الوجودى لذا يمكن تغييره وإستبداله وعدم الإنبطاح أمامه .

* كل ماهو عقلى هو واقعى بغض النظر عن كونه حقيقة أم خيال فهو نتاج واقع مادى , ولكن ليس كل منتج عقلى هو موجود بالضرورة ,فعروس البحر والحصان المجنح هى منتجات عقلية من تجميع صور متواجدة ولصقها لتنشأ فكرة .

* الإنسان يخلق أوهامه ليتعايش بها مع الوجود لعبور ألمه ومحنته وعجزه .. الأوهام وسيلة يبدعها العقل لمعالجة ألم ومحاولة عبوره , لذا فالغارق فى أوهامه وخرافاته ليس إنساناً غبياً بل يعالج أزماته النفسية بتلك الطريقة التى تريحه , لذا إذا أردنا أن نحرره من الأوهام والخرافات فلا نتعاطى معه عقلانياً ومنطقياً فهذا لن يُجدى لأن أفكاره المتوهمة جاءت من إحتياج نفسى ولم تأتى بقناعات عقلانية مجردة , لذا يلزم أن ندرك السبب الموضوعى لألمه النفسى وكيف نعالجه ليتجاوزه بطريقة مغايرة .

* الإعتقاد بوجود الحق والصواب جعل البشر بإنتظار ظهورهما وتحققهما بدلاً من إيجادهما ليتوهم البعض بوجود مرجعية للحق والصواب , وهذا الظن ناتج عن شعور بأن الإعتقاد يبدو كتأجيل للاعتراف بحقيقة عدمية الوجود كمعنى وكغاية بديلاً عن التصادم معها , هو تسويف الإنسان بغية الخروج من موقف المهزوم المهمش ليستطيع الصمود أمام واقع صارم .

* فكرة الحق والصواب عبارة عن سراب فكري يعكس مخاوف وأحلام وقصور الإدراك البشري , فإذا كان كل ما يمكن فعله يمكن تبريره فستنتفى هنا مقولة الحق والصواب المطلق لتدخل فى النسبية .. الحق والصواب مفهومان إعتباريان لا وجود فعلي لهما , لذا فسبب كل مآسي البشر وخلافاتهم من عملية التحج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق