الدين تحت مجهر العلم

الدين تحت مجهر العلم

Translate

الاثنين، 16 نوفمبر 2015

الكرة الخفية والإله الخفي

 

 
يعول منظرو التصميم الذكي على خاصية الدقة والتوافق في الكون، ويركزون على مسألة تعذر حياة الإنسان لو حصل أي تغيير طفيف في بنية النظام الشمسي، أو لو تغيرت الثوابت الفيزيائية التي تحكم الكون مما سيؤول لانهياره، ويحسبون هذه الحالة تصميماً ذكياً، بينما يرى العلماء أن هذه الخاصية تحتسب ضد التصميم الذكي لا لصالحه؛ فتعذر وجود الحياة إلا في حالة واحدة محددة بمواصفات معينة، ليس من الذكاء بشيء لانعدام المرونة وغياب تعدد الخيارات. كما أن الكون غير مستقر منذ نشأته وفي حالة "أكشن" مستمر أي حالة فعل ورد فعل.
وجود إنسان مقيد بالأوكسجين ولا يمكنه تنفس غازات بديلة في حالات الضرورة والاضطرار على أقل تقدير؛ يصعب فهمه كتصميم ذكي. والقائمة ستطول لو أردنا سرد "تصاميم" فسلجة الأحياء في الطبيعة وما عليها من مؤاخذات.
لا يفسر التصميم الذكي الكوارث الطبيعية وما يصاحبها من فواجع إنسانية، ولا يفسر ولادة أطفال معاقين. وكيف لنا أن نتصور كل الأمراض والعاهات والآفات كضرورة من ضرورات التصميم الأحيائي. فمثلاً؛ صناعة حواسيب مجهزة ضمناً بشتى أنواع العلل وبفيروسات تعيق تشغيلها أو تؤدي الى تعطيلها كلياً لا يبدو أمراً رائعاً ينم عن ذكاء.
الصراع الدموي من أجل البقاء بين الكائنات الحية؛ لا يبدو ضرورة ذكية من ضرورات التصميم.
ما وجه الذكاء في أن تكون 97% من المياه التي تغطي سطح الأرض مالحة ولا تصلح للاستهلاك. وما وجه الذكاء في ظواهر الانقراض والتصحر التي تهدد الحيوانات والنباتات وكوكب الأرض برمته. ونكتفي بهذا القدر ونقول:
بعد أن فشلت مساعي الخليقيين والكنيسة من ورائهم، في تغيير التعريف العالمي المعتمد للعلم لتدخل في سياقه الغيبيات والروحانيات، وبعد أن قضت المحكمة الأمريكية عام 1987 بعدم دستورية تدريس نظرية الخلق في المدارس الحكومية؛ جاءوا بفكرة قديمة تمتد بجذورها لفلسفة ما قبل الميلاد وكانت قد ظهرت بصياغات مختلفة مثل اصطلاح اللوغوس، المحرك البدئي، الذكاء العلوي والدليل الغائي؛ وقدموها بقالب التصميم الذكي. ومازالوا يكدحون من أجل رفعها الى مصاف النظريات العلمية مع أن الكثير من جمهور "نظرية" الخلق يرفض فكرة التصميم الذكي، وقد تعرضت لنقودات كثيرة ووصفت بأنها نظرية سطحية فجة، تهمش الخالق وتجعله مجرد مهندس للكون. إنما الأبشع بتصوري وربما المعيب؛ هي محاولة تقديم الحجج والأدلة على أنه مهندس ذكي.
والتساؤل المحوري؛ هو ماذا ستقدم فكرة التصميم الذكي للإنسان لو اعتمدها المجمع العلمي كنظرية علمية؟ وكيف ستقدم النظرية صورة المصمم بطريقة علمية بحتة دون الخوض في الماورائيات، وما هي الآليات والمعايير العلمية التي ستطرحها لقياس ذكاء المصمم واختباره؟ وهل سيجرؤ منظروها على تحديد الثغرات ومواطن الضعف والخلل في نظريتهم مثلما يفعل العلماء مع النظريات العلمية على أساس أن لا حقيقة مطلقة.. فالحقيقة المطلقة من السبع الموبقات في المجال العلمي..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق